اخرج الإمام مسلم في صحيحه بسنده عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنَ الْأَعْرَابِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمِ الصُّوفُ فَرَأَى سُوءَ حَالِهِمْ قَدْ أَصَابَتْهُمْ حَاجَةٌ، فَحَثَّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَأَبْطَئُوا عَنْهُ حَتَّى رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ. قَالَ: ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ جَاءَ بِصُرَّةٍ مِنْ وَرِقٍ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، ثُمَّ تَتَابَعُوا حَتَّى عُرِفَ السُّرُورُ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ»
….
وبسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا»
قال الإمام النووي في شرح الحديثين من صحيح مسلم:
هَذَانِ الْحَدِيثَانِ صَرِيحَانِ فِي الْحَثِّ عَلَى اسْتِحْبَابِ سَنِّ الْأُمُورِ الْحَسَنَةِ وَتَحْرِيمِ سَنِّ الْأُمُورِ السَّيِّئَةِ وَأَنَّ مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ كُلِّ مَنْ يَعْمَلُ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ كُلِّ مَنْ يَعْمَلُ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَنَّ مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِثْلُ أُجُورِ مُتَابِعِيهِ أَوْ إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ آثَامِ تَابِعِيهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْهُدَى وَالضَّلَالَةُ هُوَ الَّذِي ابْتَدَأَهُ أَمْ كَانَ مَسْبُوقًا إِلَيْهِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ تَعْلِيمُ عِلْمٍ أَوْ عِبَادَةٍ أَوْ أَدَبٍ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ) مَعْنَاهُ إِنْ سَنَّهَا سَوَاءٌ كَانَ الْعَمَلُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ موته
ولهذا يجب أن يحترس كل منا ويتدبر كل فعل وقول قبل أن يقوم به فقد تفعل فعلا أو تقول قولا يقلدك فيه غيرك فتحمل وزر فعلك وقولك بالأضافة لمثل أوزار من قلدك
وأيضا قد تقول قولا من الخير أو تفعل فعلا من الطاعة فيقلدك فيه غيرك فتأخذ أجرك ومثل أجر من قلدك
وطبعا الحديثان يحملان بشارة عظيمة للدعاة المخلصين فمن دعا إلى طاعة أو عبادة وكان يقصد بدعوته وجه الله تعالى فله مثل أجر من استجاب له وعمل بها